فصل: مسألة رجل حضرته الصلاة وهو في سفر وليس معه إلا ثوبان:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: البيان والتحصيل والشرح والتوجيه والتعليل لمسائل المستخرجة



.مسألة صلى نافلة فسها عن السلام فيها حتى تطاول ذلك:

وسئل عمن صلى نافلة فسها عن السلام فيها حتى تطاول ذلك، أو يحدث، أو تباعد، عليه السجود؛ فقال أحب إلي أن يعيد احتياطا؛ ولاختلاف الناس في ذلك، فأرى أن يسجد متى ما ذكر، ولا يحدث سلاما قبل ذلك؛ لأن طول حديثه وتباعده تسليم، حتى لو دخل في مكتوبة بعد ذلك لم يضره، ولم ينقضها ذلك عليه.
قال محمد بن رشد: يريد بقوله، ولاختلاف الناس في ذلك، قول من يقول من أهل العراق وغيرهم: أن التشهد والسلام ليس بواجب في الفريضة، فاستخف لذلك في النافلة أن يصلحها بسجود السهو- إذا طال، أو أحدث، واستحب أن يعيد النافلة احتياطا؛ كما استحب لمن أفطر ناسيا في صيام التطوع، أن يقضي، وعلى أصل المذهب لا قضاء على من أفسد نافلته غير متعمد، وقد مضى ذكر هذا الاختلاف في رسم الصلاة الثاني من سماع أشهب.

.مسألة صلى بقوم ركعتين فلما قام في الثالثة أحدث:

وسئل سحنون عن إمام صلى بقوم ركعتين، فلما قام في الثالثة أحدث، فقدم رجلا دخل ساعتئذ- وقد أدرك الإحرام، فصلى بهم بقية صلاة الإمام المستخلف، ثم رجع إليه الإمام الأول، وهو في التشهد من أربعة، فقال له أنه بقيت علي سجدة من أحد الركعتين الأوليين، لا أدري أمن الثانية أم من الأولى؛ قال سحنون: يقوم الإمام ومن معه فيصلي بهم ركعة يقرأ فيها بأم القرآن وحدها؛ لأنها ركعة بناء، ثم يقوم هو ويقعد القوم فيأتي لنفسه بركعة بسجدتيها، يقرأ فيها بأم القرآن وسورة؛ لأنها ركعة قضاء لنفسه، وليست بناء، ويسجد سجدتي السهو قبل السلام من قبل أن الإمام الأول لما ترك السجود من إحدى ركعتيه، فقد بطلت؛ فإن كانت من الأولى بطلت وصارت الثانية هي الأولى، وإن كانت من الثانية، فقد بطلت الثانية وصحت الأولى؛ وصار المستخلف إنما استخلف على ثانية الإمام الأول- وهي الأولى، وقد قرأ فيها بأم القرآن فقط، وقام فيها، وقد كان عليه أن يقرأ فيها بأم القرآن وسورة، ويجلس، فدخل النقص من ههنا، وصارت الرابعة الثالثة؛ وعليه أن يأتي برابعة الإمام وهي ركعة البناء، فلذلك أمر أن يقرأ فيها بأم القرآن، ثم يأتي لنفسه بركعة القضاء وهي الأولى التي سبقه بها الإمام الأول؛ قال وإن كان القوم على يقين قعدوا وقام الإمام فصلى ما بقي عليه.
قال محمد بن رشد: المسألة كلها صحيحة على أصولهم في أن الإمام إذا ذكر في آخر صلاته سجدة من أولها هو ومن معه أنه يلغي تلك الركعة ويبني على ما معه كالمنفرد، بخلاف إذا أسقط السجدة هو وحده، فمعنى ذلك ما تكلم عليه فيها إذا أسقط الإمام السجدة ومن معه، أو بعضهم، أو شك فيها هو ومن معه أو بعضهم. وقوله في آخرها: وإن كان القوم على يقين- يريد على يقين من أنهم لم يسقطوا شيئا- قعدوا وقام الإمام فصلى ما بقي عليه، يريد أنه يقضي الركعتين اللتين فاتتاه بأم القرآن وسورة؛ لأن الإمام إذا كان إنما أسقط السجدة وحده دون من خلفه، فإنما عليه قضاء تلك الركعة وحده دون من خلفه، وبالله التوفيق.
تم سماع أصبغ بن الفرج بحمد الله وحسن عونه.

.مسألة قوم ربطهم اللصوص أياما لا يصلون ثم يرسلون:

من سماع أبي زيد بن أبي الغمر من ابن القاسم:
قال أبو زيد: سئل ابن القاسم عن قوم ربطهم اللصوص أياما لا يصلون ثم يرسلون، قال: يقضون تلك الصلوات كلها؛ وينبغي لهم أن يصلوا الصلاة إذا حضر وقتها إيماء إذا لم يقدروا على غير ذلك، ثم يعيدوا إذا أرسلوا- ما أرسلوا في وقته، فإن لم يفعلوا، فعليهم القضاء، قضاء تلك الصلوات.
قال محمد بن رشد: قوله: إنهم إذا لم يصلوا أياما ثم أرسلوا أنهم يقضون تلك الصلوات، صحيح؛ لأنهم لما ربطهم اللصوص فلم يقدروا من أجل ربطهم على الركوع والسجود، انتقل فرضهم إلى الإيماء، فلما تركوا ذلك، كان كمن ترك صلاته- متعمدا حتى خرج الوقت- أنه يجب عليه أن يصليها بعد خروج الوقت ولا اختلاف عندي في هذا الوجه، وهو مثل قوله في المدونة في الذين تحت الهدم، فإن صلوا إيماء، فلا إعادة عليهم إلا في الوقت استحبابا. وقوله: فإن لم يفعلوا فعليهم قضاء تلك الصلوات، يحتمل أن يريد فإن لم يصلوا إيماء، فعليهم قضاء تلك الصلوات أبدا، فإن كان أراد ذلك، فهو صحيح على ما قلناه؛ ويحتمل أن يكون أراد فإن لم يعيدوا في الوقت إذا صلوا إيماء فعليهم القضاء بعد الوقت؛ فإن كان أراد ذلك، فهو على أحد قولي ابن القاسم فيمن أمر بالإعادة في الوقت، فلم يفعل حتى خرج الوقت؛ وقد مضى ذلك في رسم استأذن من سماع عيسى، وفي غيره من المواضع؛ وقد روى معن بن عيسى عن مالك في الأسرى يكتفهم العدو أياما لا يصلون، قال لا صلاة عليهم إذا تركوا إلا ما أدركوا وقته، وقاله ابن نافع في الذين تحت الهدم، ورواه أشهب عن مالك؛ ومعنى ذلك- عندي في الذين لا يقدرون على الصلاة أصلا بإيماء ولا غيره، أو في الذين ليسوا على طهارة ولا يقدرون عليها بوضوء ولا تيمم؛ لأن الاختلاف إنما يصح في هؤلاء، فعلى ظاهر ما في المدونة أتجب عليهم الإعادة، إذ لم يفرق فيها بين أن يقدروا على الإيماء أو لا يقدروا؛ ولا بين أن يكونوا على طهارة، أو لا يكونوا؛ وعلى قول ابن نافع ورواية أشهب ومعن بن عيسى عن مالك، لا إعادة عليهم.
وفي سماع أبي زيد من كتاب الوضوء في المريض الذي لا يقدر على الوضوء، ولا على التيمم أنه يصلي على حاله، ويعيد إذا قدر على الوضوء أو التيمم، وقد تكلمنا هناك على وجه ذلك.

.مسألة رجل حضرته الصلاة وهو في سفر وليس معه إلا ثوبان:

قال ابن القاسم في رجل حضرته الصلاة وهو في سفر وليس معه إلا ثوبان، أصابت أحدهما نجاسة لا يدري أيهما هو؟ قال: يصلي في أحدهما، ثم يعيد في الآخر- مكانه؛ وقد بلغني عن مالك، أنه قال: يصلي في واحد منهما، ويعيد ما كان في الوقت- إن وجد ثوبا- كما قال في الثوب؛ ولست أرى أنا ذلك، يصلي في أحدهما ثم يعيد في الآخر- مكانه، ثم لا إعادة عليه في وقت ولا غيره- وإن وجد غيرهما.
قال محمد بن رشد: قول ابن القاسم استحسان؛ لأنه إذا صلى بأحد الثوبين ثم أعاد في الآخر- مكانه؛ فقد تيقن أن إحدى صلاتيه قد خلصت بثوب طاهر- وفيه نظر؛ لأنه إذا صلى في أحدهما على أن يعيد في الآخر، فلم يعزم في صلاته فيه على أنها فرضه، إذ صلاها بنية الإعادة، فحصلت النية غير مخلصة فيها للفرض؛ وكذلك إذا أعادها في الآخر، لم تخلص النية في إعادته للفرض؛ لأنه إنما نوى أنها صلاته- إن كان هذا الثوب هو الثوب الطاهر. وقول مالك أصح وأظهر من جهة النظر والقياس؛ لأنه يصلي في أحدهما على أنه فرضه فتجزئه صلاته؛ إذ لو لم يكن له غيره فصلى به- وهو عالم بنجاسة لأجزأته صلاته، ثم إن وجد في الوقت ثوبا طاهرا يوقن بطهارته، أعاد استحبابا.

.مسألة دخل في صلاة العيدين والإمام يقرأ:

قال ابن القاسم فيمن دخل في صلاة العيدين- والإمام يقرأ، قال يكبر سبعا، قيل فوجده راكعا؟ قال يكبر واحدة ويركع معه.
قال محمد بن رشد: قد مضى في رسم يوصي لمكاتبه من سماع عيسى مثل هذا لابن القاسم، وخلافه لابن وهب؛ وتكلمنا هناك على توجيه القولين جميعا، فأغنى ذلك عن إعادته هنا.

.مسألة إمام صلى صلاة الخوف تقدم بطائفة فصلى بهم ركعة ثم ذهب العدو وأمنوا:

قال ابن القاسم في إمام صلى صلاة الخوف، تقدم بطائفة فصلى بهم ركعة، ثم ذهب العدو وأمنوا، قال: يتم بالطائفة التي معه ركعتين، ويقدم الطائفة الأخرى رجلا يؤمهم ويصلي بهم ركعتين.
قال محمد بن رشد: قد تقدمت هذه المسألة في سماع سحنون، وزاد فيها زيادة اختلف فيها قوله؟ فبينا الوجه في ذلك بما أغنى عن إعادته هنا.

.مسألة لا يقرأ في الركعتين الأخيرتين من الظهر الصلاة خلفه:

قال ابن القاسم لو كنت أعلم أن أحدا لا يقرأ في الركعتين الأخيرتين من الظهر ما صليت خلفه.
قال محمد بن رشد: القراءة فيهما على مذهب مالك واجبة، ولذلك لم ير ابن القاسم الصلاة خلف من لا يقرأ فيهما، وقد مضى في رسم البز من سماع ابن القاسم ذكر الاختلاف في ذلك.

.مسألة لم يقرأ في الركعتين الأوليين بأم القرآن ثم ذكر وهو في الركعتين:

قال ابن القاسم من لم يقرأ في الركعتين الأوليين بأم القرآن، ثم ذكر وهو في الركعتين؛ قال: يسلم ويبتدئ الصلاة، قيل له فلم يقرأ في ركعة واحدة؟ قال: يسلم ويبتدئ.
قال محمد بن رشد: قد تقدم القول في هذه المسألة- موعبا في جميع وجوهها في رسم أوصى أن ينفق على أمهات أولاده من سماع عيسى، فلا معنى لإعادة شيء من ذلك هنا.

.مسألة مسافرة طهرت وقد بقي عليها من الليل قدر ما تصلي ثلاث ركعات:

قال ابن القاسم في مسافرة طهرت وقد بقي عليها من الليل قدر ما تصلي ثلاث ركعات، قال: تصلي العشاء وليس عليها في المغرب شيء، وقال أشهب مثله؛ قال أصبغ: هذه آخر مسألة سألت عنها ابن القاسم، قال: وذلك أن ابن عبد الحكم نازعني فيها فقال: تعيد الصلاتين جميعا، وقلت أنا لا تعيد إلا العشاء الآخرة، فصحبت ابن القاسم- وكان خارجا إلى الحج إلى جب عميرة، فسألته عنها وأخبرته بقولي، وبقول ابن عبد الحكم؛ فقال لي يا أصبغ أصبت، وأخطأ ابن عبد الحكم. وسئل عنها سحنون وأخبر بقول أصبغ، وابن عبد الحكم، فرأى ما روى أصبغ عن ابن القاسم- غلطا؛ وقول أصبغ خطأ، ورأى قول ابن عبد الحكم صوابا: أن عليها الصلاتين جميعا؛ لأنها طهرت في وقت منهما جميعا، وذلك أن ركعتين للعشاء الآخرة، وركعة للمغرب، وكذلك لو حاضت قبل الفجر لثلاث ركعات- وقد نسيت المغرب والعشاء، لم يكن عليها من الصلاتين شيء؛ لأنها حاضت في وقتهما؛ ألا ترى أن آخر الوقت لآخر الصلوات، فالركعات من آخر الوقت للعشاء، وركعة قبلها للمغرب، فهو وقت لهما جميعا، فقس على هذا ما ورد عليك- إن شاء الله تعالى.
قال محمد بن رشد: قول ابن عبد الحكم وسحنون، هو الصحيح الذي يوجبه القياس والنظر؛ لأنها قد طهرت في وقت منهما جميعا؛ لأن الوقت إنما يقدر لآخر الصلوات؛ وهي إذا صلت العشاء- وحدها، بقيت ركعة من وقت صلاة المغرب تذهب هدرا، إذ لم تصلها؛ وليس استغراق صلاة المغرب الذي يجب أن تبدأ بها للرتبة لوقت العشاء، بالذي يمنع أن تبدأ بالمغرب- وإن صلت العشاء بعد الفجر كما أن الحائض إذا طهرت لمقدار ركعة أو أربع قبل غروب الشمس- وعليها صلاة قد فرطت فيها، أو نسيتها قبل حيضتها؛ أنها تبدأ بالصلاة التي فرطت فيها أو نسيتها على الصحيح من الأقوال، ثم تصلي العصر بعد الغروب؛ وقد مضى القول في ذلك في رسم يشتري الدور والمزارع من سماع يحيى، فتدبر ذلك، تجده صحيحا- إن شاء الله تعالى.

.مسألة مسافر مر بقوم ممن لا تجب عليهم الجمعة فصلى بهم الجمعة:

وسئل ابن القاسم عن إمام مسافر مر بقوم ممن لا تجب عليهم الجمعة، فصلى بهم الجمعة؛ قال يصلون على أثرها ركعتين، ولا يعيد الإمام الصلاة.
قال محمد بن رشد: قوله يصلون على إثرها ركعتين، يريد أنهم يتمون صلاتهم إذا سلم الإمام، وتجزئ الإمام الصلاة ومن معه من المسافرين، وتكون لهم صلاة سفر لا جمعة؛ وهذا مثل قول مالك في موطئه، ومثل قول ابن نافع في بعض روايات المدونة؛ خلاف رواية ابن القاسم عنه فيها: أنهم يعيدون كلهم الصلاة أهل القرية والإمام ومن معه من المسافرين؛ وإنما لم تجز الإمام والمسافرين، وتكون لهم صلاة سفر ويبني عليها أهل القرية المقيمون؛ لأنه جهر فيها متعمدا، ففسدت عليه وعليهم؛ هذا وجه رواية ابن القاسم، ووجه رواية أبي زيد، وما في الموطأ، وقول ابن نافع؛ أنه عذر الإمام بالجهل في التأويل؛ ولمالك في المبسوط من رواية ابن نافع عنه، أنهم يعيدون كلهم في الوقت، فهي ثلاثة أقوال فيمن جهر في غير موضع الجهر من صلاته- متعمدا بتأويل.

.مسألة صلى بثوب حرير في كمه:

وسألت ابن القاسم عمن صلى بثوب حرير في كمه، قال: أرجو أن يكون خفيفا، ولم ير عليه إعادة، ولم يره من ناحية اللبس.
قال محمد بن رشد: وهذا كما قال؛ لأن الحرير ليس بنجس، فيكون إذا صلى به في كمه حامل نجاسة، وإنما نهى عن لباسه من ناحية الترف، والتشبه في لباسه بالكفار؛ فلا إثم عليه في صلاته به في كمه، ولا كراهة إلا من جهة اشتغال باله بحفظه في صلاته، ولذلك قال أرجو أن يكون خفيفا.

.مسألة أدرك مع الإمام ركعة من الجمعة فأصابه رعاف:

قال ابن القاسم فيمن أدرك مع الإمام ركعة من الجمعة فأصابه رعاف، فخرج فغسل الدم عنه، ثم رجع إلى المسجد فبنى فيه فسها في الركعة الثانية عن قراءة أم القرآن؛ قال ابن القاسم: يسجد سجدتي السهو ويسلم، ثم يقوم ويصلي الظهر أربعا، وكذلك في الصبح.
قال محمد بن رشد: مثل هذا في كتاب الوضوء من المدونة، وهو أحد أقوال مالك في الصلاة منها؛ والقول الثاني أنه لا إعادة عليه، والقول الثالث أنه يلغي تلك الركعة؛ وقد قيل إن هذا الاختلاف إنما هو فيما عدا الصبح، والجمعة، وصلاة السفر؛ والأول هو أظهر ما في المدونة، وقد مضى تحصيل القول في هذه المسألة في رسم أوصى من سماع عيسى.

.مسألة حكم ركعتي الفجر:

وسئل عن ركعتي الفجر أسنة هي؟ فقال لي: نعم. قلت له: فالقنوت في الصبح، فقال لي: ركعتا الفجر أبين؛ ورأيت معنى قوله إن القنوت ليس بسنة.
قال محمد بن رشد: قوله في ركعتي الفجر إنهما سنة، هو دليل ما في المدونة، ومثل ما في رسم القبائل من سماع ابن القاسم، خلاف ما في رسم الصلاة الأول من سماع أشهب؛ وفي سماع عيسى من كتاب المحاربين والمرتدين لأصبغ، وقد مضى ذكر الاختلاف في ذلك، وتوجيهه في رسم القبائل المذكورة. وقوله: أن القنوت ليس بسنة، هو مذهبه في المدونة؛ لأنه لم ير على من نسيه سجود سهو، فإن سجد لم تفسد صلاته، بخلاف من ترك التسبيح فسجد لذلك؛ وقال أشهب من سجد قبل السلام لترك القنوت أو التسبيح، أعاد صلاته؛ وقد روى زياد عن مالك أن من ألزم نفسه القنوت فنسيه فليسجد.

.مسألة يصلي وقلنسوة حرير على رأسه:

وسئل عن الرجل يصلي وقلنسوة حرير على رأسه، قال: لا يفعل؛ قلت: فالتكة؟ قال: لا.
قال محمد بن رشد: وهذا كما قال؛ لأنه لباس كله؛ ألا ترى لو أن رجلا حلف ألا يلبس الخز، أو الحرير، فلبس منه قلنسوة، كان لباسا، وكان حانثا، وهذا بين.

.مسألة يصلي ركعتي الفجر فيقوم في الثالثة:

وسئل عن الرجل يصلي ركعتي الفجر، فيقوم في الثالثة؛ قال: يرجع فيقعد. قلت: فإن لم يفعل حتى مضى وصلى أربعا وسجد سجدتي السهو، قال: يعيد الركعتين أحب إلي.
قال محمد بن رشد: قد مضى القول في هذه المسألة في رسم إن أمكنتني من سماع عيسى، فلا معنى لإعادة ذلك.

.مسألة يقرأ صدرا من الحمد لله ثم يصيبه حدث فيقدم رجلا:

وسئل عن الذي يقرأ صدرا من الحمد لله، ثم يصيبه حدث فيقدم رجلا، قال لي: يقرأ من حيث انتهى الإمام.
قال محمد بن رشد: هذا قول ابن نافع، وابن دينار، وغيرهما من أصحاب مالك. وقد روى محمد بن يحيى السبائي عن مالك، أنه قال: ذلك واسع أن يقرأ من حيث انتهى الإمام، أو يبدأ السورة، وأحب إلي أن يبدأ بها، والأول أظهر: أن الاختيار أن يقرأ من حيث انتهى الإمام؛ لأنه خليفته على الصلاة يحل محله فيها، فكما يبني على ما مضى من ركوعه وسجوده، فكذلك يبني على ما مضى من قراءته- وبالله التوفيق.

.مسألة الإشارة بالأصبع في تشهد الصلاة:

قال ابن القاسم: رأيت مالكا إذا صلى الصبح يدعو ويحرك أصبعه التي تلي الإبهام- ملحا، وإذا أراد أن يدعو رفع يديه شيئا قليلا يجعل ظاهرهما مما يلي الوجه- أرانيه ابن القاسم.
قال محمد بن رشد: قد مضى القول في الإشارة بالأصبع في تشهد الصلاة، وفي رفع اليدين عند الدعاء- في رسم شك في طوافه من سماع ابن القاسم- موعبا مستوفى، فلا وجه لإعادته هنا.

.مسألة صلى فنسي التكبير كله إلا تكبيرة الإحرام:

وقال فيمن صلى فنسي التكبير كله إلا تكبيرة الإحرام، قال يسجد سجدتي السهو، وأنكر الإعادة.
قال محمد بن رشد: وهذه مسألة قد مضى القول فيها- موعبا في رسم أوصى من سماع عيسى، فأغنى عن إعادته.

.مسألة أراد أن يقرأ في الصبح تبارك فقرأ والسماء والطارق:

وقال ابن القاسم فيمن أراد أن يقرأ في الصبح تبارك، فقرأ والسماء والطارق، قال: يتمها ويقرأ سورة أخرى طويلة؛ قيل له إمام وغيره؟ قال سواء. ثم قال: كان ابن عمر يقرأ الثلاث سور.
قال محمد بن رشد: وهذا كما قال؛ لأن الله عز وجل يقول: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ} [المزمل: 20]. فلم يحد في ذلك حدا، فجائز للرجل أن يقرأ مع أم القرآن في الركعتين الأوليين من صلاته بما تيسر من القرآن- بعض سورة كان أو عددا من السور؛ وإن كان الاختيار أن يقرأ في كل ركعة بسورة تامة؛ لأنه المرئي من فعل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والذي استمر عليه العمل بعده.

.مسألة تيمم للصبح وصلى ثم قعد يذكر الله إلى طلوع الشمس:

وقال ابن القاسم من تيمم للصبح وصلى، ثم قعد يذكر الله إلى طلوع الشمس، لا يصل به نافلة؛ لأن الوقت قد ذهب وطال.
قال محمد بن رشد: إنما قال ذلك؛ لأن الأصل كان ألا يصلي بالتيمم إلا صلاة واحدة- على ما مضى القول فيه في أول سماع أبي زيد من كتاب الوضوء، وألا تصلى نافلة بتيمم فريضة وإن اتصلت بها؛ فإنما تصلى النافلة بتيمم الفريضة- إذا اتصلت بها- استحسانا، ومراعاة لقول من يقول: إن التيمم يرفع الحدث كالوضوء بالماء؛ فإذا لم يتصل بها وطال الأمر بينهما، واتسع الوقت لطلب الماء ثانية للنافلة، وجب أن ينتقض التيمم على الأصل، وألا يراعى في ذلك الخلاف، كما روعي إذا اتصلت بها، لكونها في اتصالها بها في معنى الصلاة الواحدة؛ وقد مضت هذه المسألة متكررة في سماع أبي زيد من كتاب الوضوء- والحمد لله.

.مسألة يرفع يديه في التكبير للصلاة:

قال ابن القاسم: رأيت مالكا لا يرفع يديه في التكبير للصلاة، ولا أراه ترك ذلك، إلا أنه رأى أن ذلك من تعظيم الله وإجلاله؛ قال ولقد سألنا مالكا عن ذلك، فقال: ولم يرفع يديه؟ أيدرك تبارك وتعالى؟! فأنكر مالك رفع اليدين على الجنازة وفي الصلوات.
قال محمد بن رشد: قد أنكر على مالك إنكاره لرفع اليدين في الصلاة، للآثار المتواترة في ذلك عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأمر ابن لبابة بطرح هذه الرواية، وقال ما قالت الإباضية بأكثر من هذا؛- يريد دفع السنن بالقياس والرأي، وقد وقع في بعض الروايات من كتاب الحج الأول من المدونة- تضعيف رفع اليدين في الإحرام وغيره، ونحا في رسم أوله يتخذ الخرقة لفرجه من سماع ابن القاسم- إلى أن ذلك منسوخ، وقد مضى التكلم على ذلك هناك.

.مسألة صلى بثوب واحد ركعة فسقط الثوب عنه حتى بدت سوءة الرجل:

وسئل عن رجل صلى بثوب واحد ركعة، فسقط الثوب عنه حتى بدت سوءة الرجل؛ قال: يستتر- ولاشيء عليه.
قال محمد بن رشد: قد مضى القول في هذه المسألة في صدر سماع موسى، فلا وجه لإعادته.

.مسألة قصر في ستة وثلاثين ميلا أيعيد الصلاة في الوقت:

وسئل عمن قصر في ستة وثلاثين ميلا، أيعيد الصلاة في الوقت؟ قال: لا إعادة عليه.
قال محمد بن رشد: وهذه المسألة قد مضى القول عليها في آخر أول رسم من سماع أشهب، فأغنى ذلك عن إعادته ههنا.

.مسألة في نوافل رمضان يسلم الإمام من ركعتين ويسهو الرجل عن السلام:

وسئل عن الرجل يصلي خلف الإمام في نوافل رمضان، فسلم الإمام من ركعتين ويسهو الرجل عن السلام حتى يقوم معه في الثالثة، فيذكر- وهو قائم- قال لي: يجلس ويسلم، ثم يسجد سجدتي السهو، ثم يدرك الإمام؟ قلت: فإن ذكر- وهو راكع، قال لي يمضي معه ويسجد سجدتي السهو؛ قال: ورأيته يخففه ألا يكون عليه شيء.
قال محمد بن رشد: أما إذا ذكر- وهو قائم قبل أن يركع، فلا اختلاف في أنه يرجع إلى الجلوس ويسلم ويسجد لسهوه؛ وأما إذا لم يذكر ذلك إلا وهو راكع، فقال ههنا: إنه يمضي معه ويسجد سجدتي السهو،- يريد قبل السلام لإسقاط السلام، وقيل أنه يرجع إلى الجلوس ما لم يرفع رأسه من الركوع فيسلم ويسجد لسهوه بعد السلام، ثم يدخل مع الإمام، وهذا الاختلاف جار على الاختلاف في عقد الركعة، هل هو الركوع؟ أو الرفع منه؟ والقولان قائمان من المدونة.

.مسألة يوتر بالمعوذات أيقرأ إذا استفتح بسم الله الرحمن الرحيم بين السورتين:

قال: وسألت ابن القاسم عن الذي يوتر بالمعوذات، أيقرأ إذا استفتح بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ بين السورتين؟ قال ترك ذلك أحب إلي.
قال محمد بن رشد: قد مضت هذه المسألة وتحصيل ما وقع فيها من الاختلاف في رسم سنة من سماع ابن القاسم، فلا معنى لإعادته هنا وبالله التوفيق.

.مسألة صلاة الكسوف هل تصلى في المسجد الجامع في سقفه أو في صحنه:

مسائل نوازل سئل عنها سحنون بن سعيد:
وسئل عن صلاة الكسوف: هل تصلى في المسجد الجامع في سقفه أو في صحنه، أو خارج من بيوت القرية؟ قال: تصلى صلاة الكسوف في المسجد، وكذلك صلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلاة الكسوف في المسجد.
قال محمد بن رشد: وهذا كما قال؛ لأن السنة في البروز، إنما هي في العيدين والاستسقاء.

.مسألة صلاة المقيم الذي نوى السفر ودخل خلف الذي نوى الإقامة وهو يظنه مسافرا:

وقال في رجل خرج في سفر فخرج معه رجلان فشيعاه، فحضرت الصلاة فتقدم المسافر فصلى بهما ونوى الإقامة في صلاته، ونوى أحد الرجلين السفر؛ قال: صلاتهم كلهم تامة، وليس يكون السفر بالنية، وإنما يكون بالعمل.
قال محمد بن رشد: قوله: ليس يكون السفر بالنية صحيح؛ لأن من نوى السفر لا يقصر الصلاة بمجرد نيته، حتى يخرج من بيوت قريته، أو يتحرك من موضعه- إن كان خارجا عن القرية، بخلاف من نوى الإقامة- وهو في السفر، فإنه يتم بمجرد نيته، فصلاة المسافر الذي نوى الإقامة تامة بإجماع، وأما صلاة المقيم الذي نوى السفر ودخل خلف الذي نوى الإقامة وهو يظنه مسافرا، فرأى سحنون صلاته تامة أيضا؛ ويدخل ذلك من الاختلاف ما يدخل في الذي يدخل خلف الإمام يوم الخميس وهو يظنه يوم الجمعة، وقد مضى القول في ذلك- موعبا في أول سماع ابن القاسم وبالله التوفيق.